الباء المفردة1: حرف جر، ولها معان:
أحدها: الإلصاق حقيقة كأمسكت بزيد، أو مجازا كمررت به أي ألصقت مروري بمكان يقرب منه.
الثاني: التعدية، وهي التي تصير الفاعل مفعولا كـ: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}2 أي أذهبه.
الثالث: الاستعانة، وهي الداخلة على آلة الفعل، كقطعت بالسكين.
الرابع: المقابلة، وهي الداخلة على الأعواض، كاشتريت بدرهم.
الخامس: التوكيد، وهي الزائدة.
وتزاد في مواضع: الأول الفاعل؛ وجوبا أو غالبا أو ضرورة. فالأول في فعل التعجب؛ كأحسن بزيد، أصله: حسن زيد، ثم غير الخبر إلى الطلب فأدخلت الباء إصلاحا للفظ. والثاني: في كفى، مثل: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً}1، وقال الزجاج2: ضمن معنى كفى اكتف، وهو من الحسن بمكان، ولا تزاد في فاعل كفى بمعنى أغنى أو وقى. والثالث: كقوله:
18 - ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد3
2- المفعول، مثل: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}4.
3- المبتدأ، مثل: بحسبك درهم. خرجت فإذا بزيد. كيف بك إذا انفردت بعملك.
4- الخبر قياسا في غير الموجب مثل: ما زيد بقائم، وسماعا في الموجب ومنه عند ابن مالك:
بحسبك زيد لأن زيدا معرفة فيكون هو المبتدأ مؤخرا1.
5- الحال المنفي عاملها، كقوله:
19- كائن دعيت إلى بأساء داهمة فما انبعثت بمزؤود ولا وكل2
6- توكيد بالنفس والعين، مثل: جاء ني زيد بنفسه أو بعينه.
تنبيه3: مذهب البصريين أن أحرف الجر لا ينوب بعضها عن بعض، وما أو هم ذلك فمؤول تأويلا يقبله اللفظ أو يضمن متعلقه معنى مناسبا له أو يحمل على الشذوذ وبعض المتأخرين وأكثر الكوفيين يجيزون ذلك من غير تأويل ولا تضمين ولا شذوذ، ومذهبهم أقل تعسفا4.
==============================
1 انظر: المغني ص137.
2 سورة البقرة الآية: 17.
1 سورة النساء. الآية: 166. وسورة الفتح الآية: 28. وسورة يونس الآية: 29.
2 انظر: إعراب القرآن المنسوب له 2/669.
3 هذا بيت من الوافر لقيس بن زهير العبسي. انظر: الكتاب 3/315 والتي بعدها، والإنصاف 1/30، والأشموني 1/66. الشاهد فيه: بما لاقت حيث جاءت الباء زائدة مع الفاعل فـ ما فاعل تأت وذلك للضرورة وهناك ضرورة أخرى وهي إثبات ياء المجزوم مع وجود الجازم لإقامة الوزن في ألم يأتيك.
4 سورة الحج. الآية: 15.
1 انظر: شرح الكافية الشافية 1/337.
2 هذا بيت من البسيط. انظر: شرح التسهيل 1/385 و شرح شواهد المغني 1/340عن المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية ومعجم شواهد العربية 1/313. الشاهد فيه: بمزؤودد حيث جاءت الباء زائدة مع الحال المنفي، فإن مزءود حال من التاء منفي بما.
3 انظر: المغني ص150.
4 انظر: سر صناعة الإعراب 1/135.